أَمَّا يَسُوعُ، فَعَادَ مِنَ الأُرْدُنِّ مُمْتَلِئاً مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ. فَاقْتَادَهُ الرُّوحُ فِي الْبَرِّيَّةِ | ١ |
أَرْبَعِينَ يَوْماً، وَإِبْلِيسُ يُجَرِّبُهُ، وَلَمْ يَأْكُلْ شَيْئاً طَوَالَ تِلْكَ الأَيَّامِ. فَلَمَّا تَمَّتْ، جَاعَ. | ٢ |
فَقَالَ لَهُ إِبْلِيسُ: «إِنْ كُنْتَ ابْنَ اللهِ، فَقُلْ لِهَذَا الْحَجَرِ أَنْ يَتَحَوَّلَ إِلَى خُبْزٍ». | ٣ |
فَرَدَّ عَلَيْهِ يَسُوعُ قَاِئلاً: «قَدْ كُتِبَ: لَيْسَ بِالْخُبْزِ وَحْدَهُ يَحْيَا الإِنْسَانُ، (بَلْ بِكُلِّ كَلِمَةٍ تَخْرُجُ مِنَ فَمِ اللهِ)!» | ٤ |
ثُمَّ أَصْعَدَهُ إِبْلِيسُ إِلَى جَبَلٍ عَالٍ، وَأَرَاهُ مَمَالِكَ الْعَالَمِ كُلَّهَا فِي لَحْظَةٍ مِنَ الزَّمَنِ، | ٥ |
وَقَالَ لَهُ: «أُعْطِيكَ السُّلْطَةَ عَلَى هذِهِ الْمَمَالِكِ كُلِّهَا وَمَا فِيهَا مِنْ عَظَمَةٍ، فَإِنَّهَا قَدْ سُلِّمَتْ إِلَيَّ وَأَنَا أُعْطِيهَا لِمَنْ أَشَاءُ. | ٦ |
فَإِنْ سَجَدْتَ أَمَامِي، تَصِيرُ كُلُّهَا لَكَ!» | ٧ |
فَرَدَّ عَلَيْهِ يَسُوعُ قَائِلاً: «قَدْ كُتِبَ: لِلرَّبِّ إِلهِكَ تَسْجُدُ، وَإِيَّاهُ وَحْدَهُ تَعْبُدُ!» | ٨ |
ثُمَّ اقْتَادَهُ إِبْلِيسُ إِلَى أُورُشَلِيمَ، وَأَوْقَفَهُ عَلَى حَافَةِ سَطْحِ الْهَيْكَلِ، وَقَالَ لَهُ: «إِنْ كُنْتَ ابْنَ اللهِ، فَاطْرَحْ نَفْسَكَ مِنْ هُنَا إِلَى الأَسْفَلِ | ٩ |
فَإِنَّهُ قَدْ كُتِبَ: يُوصِي مَلائِكَتَهُ بِكَ لِكَيْ يَحْفَظُوكَ، | ١٠ |
فَعَلَى أَيْدِيهِمْ يَحْمِلُونَكَ، لِئَلّا تَصْدِمَ قَدَمَكَ بِحَجَرٍ». | ١١ |
فَرَدَّ عَلَيْهِ يَسُوعُ قَائِلاً: «قَدْ قِيلَ: لَا تُجَرِّبِ الرَّبَّ إِلهَكَ!» | ١٢ |
وَبَعْدَمَا أَكْمَلَ إِبْلِيسُ كُلَّ تَجْرِبَةٍ، انْصَرَفَ عَنْ يَسُوعَ إِلَى حِينٍ. | ١٣ |
وَعَادَ يَسُوعُ إِلَى مِنْطَقَةِ الْجَلِيلِ بِقُدْرَةِ الرُّوحِ؛ وَذَاعَ صِيتُهُ فِي الْقُرَى الْمُجَاوِرَةِ كُلِّهَا. | ١٤ |
وَكَانَ يُعَلِّمُ فِي مَجَامِعِ الْيَهُودِ، وَالْجَمِيعُ يُمَجِّدُونَهُ. | ١٥ |
وَجَاءَ إِلَى النَّاصِرَةِ حَيْثُ كَانَ قَدْ نَشَأَ، وَدَخَلَ الْمَجْمَعَ، كَعَادَتِهِ، يَوْمَ السَّبْتِ، وَوَقَفَ لِيَقْرَأَ. | ١٦ |
فَقُدِّمَ إِلَيْهِ كِتَابُ النَّبِيِّ إِشَعْيَاءَ، فَلَمَّا فَتَحَهُ وَجَدَ الْمَكَانَ الَّذِي كُتِبَ فِيهِ: | ١٧ |
«رُوحُ الرَّبِّ عَلَيَّ، لأَنَّهُ مَسَحَنِي لأُبَشِّرَ الْفُقَرَاءَ؛ أَرْسَلَنِي لأُنَادِيَ لِلْمَأْسُورِينَ بِالإِطْلاقِ وَلِلْعُمْيَانِ بِالْبَصَرِ، لأُطْلِقَ الْمَسْحُوقِينَ أَحْرَاراً، | ١٨ |
وَأُبَشِّرَ بِسَنَةِ الْقَبُولِ عِنْدَ الرَّبِّ». | ١٩ |
ثُمَّ طَوَى الْكِتَابَ وَسَلَّمَهُ إِلَى الْخَادِمِ، وَجَلَسَ. وَكَانَتْ عُيُونُ جَمِيعِ الْحَاضِرِينَ فِي الْمَجْمَعِ شَاخِصَةً إِلَيْهِ. | ٢٠ |
فَأَخَذَ يُخَاطِبُهُمْ قَائِلاً: «الْيَوْمَ تَمَّ مَا قَدْ سَمِعْتُمْ مِنْ آيَاتٍ.» | ٢١ |
وَشَهِدَ لَهُ جَمِيعُ الْحَاضِرِينَ، مُتَعَجِّبِينَ مِنْ كَلامِ النِّعْمَةِ الْخَارِجِ مِنْ فَمِهِ، وَتَسَاءَلُوا: «أَلَيْسَ هَذَا ابْنَ يُوسُفَ؟» | ٢٢ |
فَقَالَ لَهُمْ: «لا شَكَّ أَنَّكُمْ تَقُولُونَ لِي هَذَا الْمَثَلَ: أَيُّهَا الطَّبِيبُ اشْفِ نَفْسَكَ! فَاصْنَعْ هُنَا فِي بَلْدَتِكَ مَا سَمِعْنَا أَنَّهُ جَرَى فِي كَفْرَنَاحُومَ.» | ٢٣ |
ثُمَّ أَضَافَ: «الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: مَا مِنْ نَبِيٍّ يُقْبَلُ فِي بَلْدَتِهِ. | ٢٤ |
وَبِالْحَقِيقَةِ أَقُولُ لَكُمْ: كَانَ فِي إِسْرَائِيلَ أَرَامِلُ كَثِيرَاتٌ فِي زَمَانِ إِيلِيَّا، حِينَ أُغْلِقَتِ السَّمَاءُ ثَلاثَ سِنِينَ وَسِتَّةَ أَشْهُرٍ، حَتَّى حَدَثَتْ مَجَاعَةٌ عَظِيمَةٌ فِي الأَرْضِ كُلِّهَا؛ | ٢٥ |
وَلَكِنَّ إِيلِيَّا لَمْ يُرْسَلْ إِلَى أَيَّةِ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ بَلْ إِلَى امْرَأَةٍ أَرْمَلَةٍ فِي صِرْفَةِ صَيْدَا. | ٢٦ |
وَكَانَ فِي إِسْرَائِيلَ، فِي زَمَانِ النَّبِيِّ أَلِيشَعَ، كَثِيرُونَ مُصَابُونَ بِالْبَرَصِ؛ وَلكِنْ لَمْ يُطَهَّرْ أَيُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ، سِوَى نُعْمَانَ السُّورِيِّ!» | ٢٧ |
فَامْتَلأَ جَمِيعُ مَنْ فِي الْمَجْمَعِ غَضَباً لَمَّا سَمِعُوا هذِهِ الأُمُورَ، | ٢٨ |
وَقَامُوا يَدْفَعُونَهُ إِلَى خَارِجِ الْمَدِينَةِ وَسَاقُوهُ إِلَى حَافَةِ الْجَبَلِ الَّذِي بُنِيَتْ علَيْهِ مَدِينَتُهُمْ لِيَطْرَحُوهُ إِلَى الأَسْفَلِ. | ٢٩ |
إِلّا أَنَّهُ اجْتَازَ مِنْ وَسْطِهِمْ، وَانْصَرَفَ. | ٣٠ |
وَنَزَلَ إِلَى كَفْرَنَاحُومَ، وَهِيَ مَدِينَةٌ بِمِنْطَقَةِ الْجَلِيلِ، وَأَخَذَ يُعَلِّمُ الشَّعْبَ أَيَّامَ السَّبْتِ. | ٣١ |
فَذُهِلُوا مِنْ تَعْلِيمِهِ، لأَنَّ كَلِمَتَهُ كَانَتْ ذَاتَ سُلْطَةٍ. | ٣٢ |
وَكَانَ فِي الْمَجْمَعِ رَجُلٌ يَسْكُنُهُ رُوحُ شَيْطَانٍ نَجِسٍ. فَصَرَخَ بِصَوْتٍ عَالٍ: | ٣٣ |
«آهِ! مَا شَأْنُكَ بِنَا يَا يَسُوعُ النَّاصِرِيُّ؟ أَجِئْتَ لِتُهْلِكَنَا؟ أَنَا أَعْرِفُ مَنْ أَنْتَ: أَنْتَ قُدُّوسُ اللهِ». | ٣٤ |
فَزَجَرَهُ يَسُوعُ قَائِلاً: «اخْرَسْ، وَاخْرُجْ مِنْهُ». وَإِذْ طَرَحَهُ الشَّيْطَانُ فِي الْوَسَطِ، خَرَجَ مِنْهُ وَلَمْ يُصِبْهُ بِأَذىً. | ٣٥ |
فَاسْتَوْلَتِ الدَّهْشَةُ عَلَى الْجَمِيعِ، وَأَخَذُوا يَتَسَاءَلُونَ فِي مَا بَيْنَهُمْ: «أَيُّ كَلِمَةٍ هِيَ هذِهِ؟ فَإِنَّهُ بِسُلْطَانٍ وَقُدْرَةٍ يَأْمُرُ الأَرْوَاحَ النَّجِسَةَ فَتَخْرُجُ!» | ٣٦ |
وَذَاعَ صِيتُهُ فِي كُلِّ مَكَانٍ مِنَ الْمِنْطَقَةِ الْمُجَاوِرَةِ. | ٣٧ |
ثُمَّ غَادَرَ الْمَجْمَعَ، وَدَخَلَ بَيْتَ سِمْعَانَ. وَكَانَتْ حَمَاةُ سِمْعَانَ تُعَانِي حُمَّى شَدِيدَةً، فَطَلَبُوا إِلَيْهِ إِعَانَتَهَا. | ٣٨ |
فَوَقَفَ بِجَانِبِ فِرَاشِهَا، وَزَجَرَ الْحُمَّى، فَذَهَبَتْ عَنْهَا. فَوَقَفَتْ فِي الْحَالِ وَأَخَذَتْ تَخْدِمُهُمْ. | ٣٩ |
وَلَمَّا غَرَبَتِ الشَّمْسُ، أَخَذَ جَمِيعُ الَّذِينَ كَانَ عِنْدَهُمْ مَرْضَى مُصَابُونَ بِعِلَلٍ مُخْتَلِفَةٍ يُحْضِرُونَهُمْ إِلَيْهِ، فَوَضَعَ يَدَيْهِ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ، وَشَفَاهُمْ. | ٤٠ |
وَخَرَجَتْ أَيْضاً شَيَاطِينُ مِنْ كَثِيرِينَ، وَهِيَ تَصْرُخُ قَائِلَةً: «أَنْتَ ابْنُ اللهِ!» فَكَانَ يَزْجُرُهُمْ وَلا يَدَعُهُمْ يَتَكَلَّمُونَ، إِذْ عَرَفُوا أَنَّهُ الْمَسِيحُ. | ٤١ |
وَلَمَّا طَلَعَ النَّهَارُ، خَرَجَ وَذَهَبَ إِلَى مَكَانٍ مُقْفِرٍ. فَبَحَثَتِ الْجُمُوعُ عَنْهُ حَتَّى وَجَدُوهُ، وَتَمَسَّكُوا بِهِ لِئَلّا يَرْحَلَ عَنْهُمْ. | ٤٢ |
وَلكِنَّهُ قَالَ لَهُمْ: «لابُدَّ لِي مِنْ أَنْ أُبَشِّرَ الْمُدُنَ الأُخْرَى أَيْضاً بِمَلَكُوتِ اللهِ، لأَنِّي لِهَذَا قَدْ أُرْسِلْتُ». | ٤٣ |
وَمَضَى يُبَشِّرُ فِي مَجَامِعِ الْيَهُودِيَّةِ. | ٤٤ |