وَٱبْتَدَأَ أَيْضًا يُعَلِّمُ عِنْدَ ٱلْبَحْرِ، فَٱجْتَمَعَ إِلَيْهِ جَمْعٌ كَثِيرٌ حَتَّى إِنَّهُ دَخَلَ ٱلسَّفِينَةَ وَجَلَسَ عَلَى ٱلْبَحْرِ، وَٱلْجَمْعُ كُلُّهُ كَانَ عِنْدَ ٱلْبَحْرِ عَلَى ٱلْأَرْضِ. | ١ 1 |
فَكَانَ يُعَلِّمُهُمْ كَثِيرًا بِأَمْثَالٍ. وَقَالَ لَهُمْ فِي تَعْلِيمِهِ: | ٢ 2 |
«ٱسْمَعُوا! هُوَذَا ٱلزَّارِعُ قَدْ خَرَجَ لِيَزْرَعَ، | ٣ 3 |
وَفِيمَا هُوَ يَزْرَعُ سَقَطَ بَعْضٌ عَلَى ٱلطَّرِيقِ، فَجَاءَتْ طُيُورُ ٱلسَّمَاءِ وَأَكَلَتْهُ. | ٤ 4 |
وَسَقَطَ آخَرُ عَلَى مَكَانٍ مُحْجِرٍ، حَيْثُ لَمْ تَكُنْ لَهُ تُرْبَةٌ كَثِيرَةٌ، فَنَبَتَ حَالًا إِذْ لَمْ يَكُنْ لَهُ عُمْقُ أَرْضٍ. | ٥ 5 |
وَلَكِنْ لَمَّا أَشْرَقَتِ ٱلشَّمْسُ ٱحْتَرَقَ، وَإِذْ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَصْلٌ جَفَّ. | ٦ 6 |
وَسَقَطَ آخَرُ فِي ٱلشَّوْكِ، فَطَلَعَ ٱلشَّوْكُ وَخَنَقَهُ فَلَمْ يُعْطِ ثَمَرًا. | ٧ 7 |
وَسَقَطَ آخَرُ فِي ٱلْأَرْضِ ٱلْجَيِّدَةِ، فَأَعْطَى ثَمَرًا يَصْعَدُ وَيَنْمُو، فَأَتَى وَاحِدٌ بِثَلَاثِينَ وَآخَرُ بِسِتِّينَ وَآخَرُ بِمِئَةٍ». | ٨ 8 |
ثُمَّ قَالَ لَهُمْ: «مَنْ لَهُ أُذُنَانِ لِلسَّمْعِ، فَلْيَسْمَعْ» | ٩ 9 |
وَلَمَّا كَانَ وَحْدَهُ سَأَلَهُ ٱلَّذِينَ حَوْلَهُ مَعَ ٱلِٱثْنَيْ عَشَرَ عَنِ ٱلْمَثَلِ، | ١٠ 10 |
فَقَالَ لَهُمْ: «قَدْ أُعْطِيَ لَكُمْ أَنْ تَعْرِفُوا سِرَّ مَلَكُوتِ ٱللهِ. وَأَمَّا ٱلَّذِينَ هُمْ مِنْ خَارِجٍ فَبِٱلْأَمْثَالِ يَكُونُ لَهُمْ كُلُّ شَيْءٍ، | ١١ 11 |
لِكَيْ يُبْصِرُوا مُبْصِرِينَ وَلَا يَنْظُرُوا، وَيَسْمَعُوا سَامِعِينَ وَلَا يَفْهَمُوا، لِئَلَّا يَرْجِعُوا فَتُغْفَرَ لَهُمْ خَطَايَاهُمْ». | ١٢ 12 |
ثُمَّ قَالَ لَهُمْ: «أَمَا تَعْلَمُونَ هَذَا ٱلْمَثَلَ؟ فَكَيْفَ تَعْرِفُونَ جَمِيعَ ٱلْأَمْثَالِ؟ | ١٣ 13 |
اَلزَّارِعُ يَزْرَعُ ٱلْكَلِمَةَ. | ١٤ 14 |
وَهَؤُلَاءِ هُمُ ٱلَّذِينَ عَلَى ٱلطَّرِيقِ: حَيْثُ تُزْرَعُ ٱلْكَلِمَةُ، وَحِينَمَا يَسْمَعُونَ يَأْتِي ٱلشَّيْطَانُ لِلْوَقْتِ وَيَنْزِعُ ٱلْكَلِمَةَ ٱلْمَزْرُوعَةَ فِي قُلُوبِهِمْ. | ١٥ 15 |
وَهَؤُلَاءِ كَذَلِكَ هُمُ ٱلَّذِينَ زُرِعُوا عَلَى ٱلْأَمَاكِنِ ٱلْمُحْجِرَةِ: ٱلَّذِينَ حِينَمَا يَسْمَعُونَ ٱلْكَلِمَةَ يَقْبَلُونَهَا لِلْوَقْتِ بِفَرَحٍ، | ١٦ 16 |
وَلَكِنْ لَيْسَ لَهُمْ أَصْلٌ فِي ذَوَاتِهِمْ، بَلْ هُمْ إِلَى حِينٍ. فَبَعْدَ ذَلِكَ إِذَا حَدَثَ ضِيقٌ أَوِ ٱضْطِهَادٌ مِنْ أَجْلِ ٱلْكَلِمَةِ، فَلِلْوَقْتِ يَعْثُرُونَ. | ١٧ 17 |
وَهَؤُلَاءِ هُمُ ٱلَّذِينَ زُرِعُوا بَيْنَ ٱلشَّوْكِ: هَؤُلَاءِ هُمُ ٱلَّذِينَ يَسْمَعُونَ ٱلْكَلِمَةَ، | ١٨ 18 |
وَهُمُومُ هَذَا ٱلْعَالَمِ وَغُرُورُ ٱلْغِنَى وَشَهَوَاتُ سَائِرِ ٱلْأَشْيَاءِ تَدْخُلُ وَتَخْنُقُ ٱلْكَلِمَةَ فَتَصِيرُ بِلَا ثَمَرٍ. (aiōn g165) | ١٩ 19 |
وَهَؤُلَاءِ هُمُ ٱلَّذِينَ زُرِعُوا عَلَى ٱلْأَرْضِ ٱلْجَيِّدَةِ: ٱلَّذِينَ يَسْمَعُونَ ٱلْكَلِمَةَ وَيَقْبَلُونَهَا، وَيُثْمِرُونَ: وَاحِدٌ ثَلَاثِينَ وَآخَرُ سِتِّينَ وَآخَرُ مِئَةً». | ٢٠ 20 |
ثُمَّ قَالَ لَهُمْ: «هَلْ يُؤْتَى بِسِرَاجٍ لِيُوضَعَ تَحْتَ ٱلْمِكْيَالِ أَوْ تَحْتَ ٱلسَّرِيرِ؟ أَلَيْسَ لِيُوضَعَ عَلَى ٱلْمَنَارَةِ؟ | ٢١ 21 |
لِأَنَّهُ لَيْسَ شَيْءٌ خَفِيٌّ لَا يُظْهَرُ، وَلَا صَارَ مَكْتُومًا إِلَّا لِيُعْلَنَ. | ٢٢ 22 |
إِنْ كَانَ لِأَحَدٍ أُذُنَانِ لِلسَّمْعِ، فَلْيَسْمَعْ». | ٢٣ 23 |
وَقَالَ لَهُمُ: «ٱنْظُرُوا مَا تَسْمَعُونَ! بِٱلْكَيْلِ ٱلَّذِي بِهِ تَكِيلُونَ يُكَالُ لَكُمْ وَيُزَادُ لَكُمْ أَيُّهَا ٱلسَّامِعُونَ. | ٢٤ 24 |
لِأَنَّ مَنْ لَهُ سَيُعْطَى، وَأَمَّا مَنْ لَيْسَ لَهُ فَٱلَّذِي عِنْدَهُ سَيُؤْخَذُ مِنْهُ». | ٢٥ 25 |
وَقَالَ: «هَكَذَا مَلَكُوتُ ٱللهِ: كَأَنَّ إِنْسَانًا يُلْقِي ٱلْبِذَارَ عَلَى ٱلْأَرْضِ، | ٢٦ 26 |
وَيَنَامُ وَيَقُومُ لَيْلًا وَنَهَارًا، وَٱلْبِذَارُ يَطْلُعُ وَيَنْمُو، وَهُوَ لَا يَعْلَمُ كَيْفَ، | ٢٧ 27 |
لِأَنَّ ٱلْأَرْضَ مِنْ ذَاتِهَا تَأْتِي بِثَمَرٍ. أَوَّلًا نَبَاتًا، ثُمَّ سُنْبُلًا، ثُمَّ قَمْحًا مَلْآنَ فِي ٱلسُّنْبُلِ. | ٢٨ 28 |
وَأَمَّا مَتَى أَدْرَكَ ٱلثَّمَرُ، فَلِلْوَقْتِ يُرْسِلُ ٱلْمِنْجَلَ لِأَنَّ ٱلْحَصَادَ قَدْ حَضَرَ». | ٢٩ 29 |
وَقَالَ: «بِمَاذَا نُشَبِّهُ مَلَكُوتَ ٱللهِ؟ أَوْ بِأَيِّ مَثَلٍ نُمَثِّلُهُ؟ | ٣٠ 30 |
مِثْلُ حَبَّةِ خَرْدَلٍ، مَتَى زُرِعَتْ فِي ٱلْأَرْضِ فَهِيَ أَصْغَرُ جَمِيعِ ٱلْبُزُورِ ٱلَّتِي عَلَى ٱلْأَرْضِ. | ٣١ 31 |
وَلَكِنْ مَتَى زُرِعَتْ تَطْلُعُ وَتَصِيرُ أَكْبَرَ جَمِيعِ ٱلْبُقُولِ، وَتَصْنَعُ أَغْصَانًا كَبِيرَةً، حَتَّى تَسْتَطِيعَ طُيُورُ ٱلسَّمَاءِ أَنْ تَتَآوَى تَحْتَ ظِلِّهَا». | ٣٢ 32 |
وَبِأَمْثَالٍ كَثِيرَةٍ مِثْلِ هَذِهِ كَانَ يُكَلِّمُهُمْ حَسْبَمَا كَانُوا يَسْتَطِيعُونَ أَنْ يَسْمَعُوا، | ٣٣ 33 |
وَبِدُونِ مَثَلٍ لَمْ يَكُنْ يُكَلِّمُهُمْ. وَأَمَّا عَلَى ٱنْفِرَادٍ فَكَانَ يُفَسِّرُ لِتَلَامِيذِهِ كُلَّ شَيْءٍ. | ٣٤ 34 |
وَقَالَ لَهُمْ فِي ذَلِكَ ٱلْيَوْمِ لَمَّا كَانَ ٱلْمَسَاءُ: «لِنَجْتَزْ إِلَى ٱلْعَبْرِ». | ٣٥ 35 |
فَصَرَفُوا ٱلْجَمْعَ وَأَخَذُوهُ كَمَا كَانَ فِي ٱلسَّفِينَةِ. وَكَانَتْ مَعَهُ أَيْضًا سُفُنٌ أُخْرَى صَغِيرَةٌ. | ٣٦ 36 |
فَحَدَثَ نَوْءُ رِيحٍ عَظِيمٌ، فَكَانَتِ ٱلْأَمْوَاجُ تَضْرِبُ إِلَى ٱلسَّفِينَةِ حَتَّى صَارَتْ تَمْتَلِئُ. | ٣٧ 37 |
وَكَانَ هُوَ فِي ٱلْمُؤَخَّرِ عَلَى وِسَادَةٍ نَائِمًا. فَأَيْقَظُوهُ وَقَالُوا لَهُ: «يَا مُعَلِّمُ، أَمَا يَهُمُّكَ أَنَّنَا نَهْلِكُ؟». | ٣٨ 38 |
فَقَامَ وَٱنْتَهَرَ ٱلرِّيحَ، وَقَالَ لِلْبَحْرِ: «ٱسْكُتْ! اِبْكَمْ!». فَسَكَنَتِ ٱلرِّيحُ وَصَارَ هُدُوءٌ عَظِيمٌ. | ٣٩ 39 |
وَقَالَ لَهُمْ: «مَا بَالُكُمْ خَائِفِينَ هَكَذَا؟ كَيْفَ لَا إِيمَانَ لَكُمْ؟». | ٤٠ 40 |
فَخَافُوا خَوْفًا عَظِيمًا، وَقَالُوا بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: «مَنْ هُوَ هَذَا؟ فَإِنَّ ٱلرِّيحَ أَيْضًا وَٱلْبَحْرَ يُطِيعَانِهِ!». | ٤١ 41 |